top of page
1/3

قسطنطين والمسيحية


في بدايات القرن الرابع الميلادي وبالتحديد بعد حكم دقلديانوس الباطش للمسيحية، تعرضت الدولة الرومانية للانقسام والاضطرابات الداخلية، حتى تمكن قسطنطين من توحيد الامبراطورية مرة اخرى.


ولاحظ قسطنطين في بداية حكمه ان البطش بالمسيحيين اصبح بغير فائدة حيث انهم يزدادون عددا يوما بعد يوم، ومن ثم ولانه سياسي محنك قرر ان يداهن المسيحيون، ويجعل الامبراطورية ولاول مرة تعترف بالمسيحية كديانة الدولة.


وبالفعل تحولت الامبراطورية من دولة وثنية الى مسيحية، حتى ان الصليب اصبح هو شعار الدولة، وتحولت معظم المعابد الى كنائس، واصبح قادة الكنائس المطاردين المضطهدين اصحاب مراكز ونفوذ بالدولة.


وهنا حدث ما لا يحمد عقباه، فقد تحول الكثير من معتنقي الديانات الوثنية المتعددة في تلك الفترة الى المسيحية، ليس عن اقتناع او ايمان حقيقي بالانجيل ولكن للحصول على النفوذ والحفاظ على العلاقات التجارية، ومن ثم تحول فنانو الدولة من نحت الاوثان ورسم ارطاميس الى نحت تماثيل ليسوع المسيح ورسم الرسل والعذراء، وتحولت مذابح افروديت وزفس الى هياكل مسيحية، فقد كانت تجارة رائجة وسلطة صعب الاستغناء عنها.


وبالتأكيد فأن الوثنيين المتحولين الى المسيحية قد احتفظوا بمظاهر عباداتهم وعاداتهم الوثنية، وحدث اختلاط ثقافي اثر فيما بعد على عقيدة الكنيسة وجوهر الانجيل.

وما نجده الان من ممارسات غريبة على الانجيل ما هو الا نتاج للتحول الثقافي في القرن الرابع من كنيسة الرسل الى كنيسة قسطنطين الوثنية الطابع.


فتقديس الحجارة والاماكن هو بالتأكيد ثمرة التحول الوثني في عقيدة الكنيسة، ايضا تقديس الاشخاص المنوطين بقيادة الكنيسة ووضع هالات حول شخوصهم واعمالهم وحتى صورهم.


كذلك تحالف قيادة الكنيسة مع سلطة الدولة، ومداهنة رجال السياسة لاجل بناء المزيد من الهياكل الحجرية التي تعزز سلطة رجال الدين.


تحولت المسيحية الى ديانة ترتبط بتقديس الهيكل ورجال الدين بعد ان فتنت المسكونة ببساطة بولس الرسول الذي كان يملك رداء واحدا، وقوة الكنيسة التي كانت تجتمع للشركة في البيوت... نعم! هذه هي الكنيسة التي اجبرت السلطة الرومانية على ان تتحول سياسيا الى دولة مسيحية، ولكن المسيحية ليست دولة او سياسة وليست ديانة.


المسيحية هي المسيح بشخصه وعمله واتضاعه وموته وقيامته، والصليب كان اداة للموت الكفاري الذي خلص البشر من الخطية والموت وهُزم فيه ابليس، وليس اداة سياسية لكسب سلطة او تجارة دينية.


المسيحية هي يسوع المسيح الانسان الذي كان يشفي المرضى ويساعد المحتاجين ويجلس مع العشارين والخطاة، ويحذر رجال الدين من ويلات ضلالهم وفساد تعليمهم، ولم يجلس مع قادة سياسيين ولا ملوك.


المسيحية هي يسوع المسيح الذي تلمذ الصيادين البسطاء ليكونوا مثله حاملين صليبه ومتشبهين بموته، وليس قادة بملابس بهية يمشون بين الناس لتقبيل الايادي ومنح البركة.


ان المسيحية الحقيقية هي بناء ملكوت الله واعلان مجد اسمه في الابن يسوع المسيح، وليست في بناء الحجارة وتقديسها، فالقداسة الحقيقية في الكنيسة عندما يشابه المؤمنيين صورة الابن ويعملوا اعماله، لانكم انتم هيكل الله وروح الله يسكن فيكم.


اين نحن من هيكل الله الآن؟...


مراجع:

1- Eusebius, Life of Constantine 3, 18-19

2- Paul Johnson, A History of Christianity, 1976, pp. 67-69).

3- Nicene and Post-Nicene Fathers, 1979, second series, Vol. 1, pp. 524-525

4- Bruce, F.F.The spreading Flame, Paternoster Press England. 1978,pp. 293 - 301.

5- Chadwick, Henry - The Early Church, Penguin Books, 1976, pop. 125 - 132

6- Duchesne, Louis -The Early History of the Christian Church. Vol. 11.John Murray, London, 1922. 45 - 71.

7- Jackson, F. J. Flakes -The History of the Christian Church to A.D. 461 George Allen, London, 1957, pp. 279 - 288.

8- Leitzmann, Hans -A History of the Early Church, Vol.111, Lutterworth, London, 1967, pop. 137 - 162.

33 views0 comments

Recent Posts

See All

Comments


bottom of page