الروح الذي يقدسنا
الروح الذي يقدسنا:
(غل5: 22-23)
يستخدم هنا بولس الرسول لفظ ثمر على انه نتيجة التقديس ومن نتائج عمل روح الله داخلنا هو ثمر الروح..
لذلك يقول اسلكوا بالروح، ولكن كيف ننتبه الى هذه العملية وكيف يحدث التغيير داخلنا؟
ان لفظ ثمر يدل على فكرة النمو النباتي وهو امر من المهم الإشارة اليه فيسوع نفسه يستخدم امثلة الزرع والحصاد للدلالة على حياة المؤمن وأيضا داود في مز1 يشبه المؤمن بالشجرة المغروسة على مجاري المياه..
في البداية يقول بولس الرسول ان الجسد او الطبيعة الفاسدة تشتهي ضد روح الله والروح يشتهي ضد الطبيعة الفاسدة.. ومن هنا نلاحظ الصراع الدائر بين روح الله ونفوسنا، فهناك معركة بين رغبات روح الله لنا وبين رغبات قلوبنا الفاسدة..
الكثيرين الان يدعون الى تشجيع النفس والثقة فيها، بينما بولس الرسول هنا يحذر من الجسد (الساركس) او الطبيعة الفاسدة التي تشتهي ضد الروح..
نحن نصدق برامج شفاء النفس على انها العلاج لنفوسنا وهذا ما لا نجده في الكتاب المقدس، فالبرنامج الذي يضعه الكتاب المقدس هو محاربة الجسد وانكار النفس وليس تشجيعها، وإذا كانت برامج شفاء النفس تدعو لتشجيع النفس والمصالحة معها والثقة فيها، فلن تأتي بجديد بل على العكس هي تمرض النفس أكثر..
إذا كنا سنستغنى عن هذه البرامج وعن علم النفس فما هو البديل؟؟
البديل هو الخضوع لكلمة الله وروحه من خلال الصليب..
فالصليب هو ما يجعلنا ننكر ذواتنا ونسلك طريق اخر. نموت عن اجسادنا ونبدأ في رحلة مشابهة المسيح وهذا ما يفعله روح الله داخلنا.
لقد مات المسيح على الصليب بديلا عنا لكي نموت نحن أيضا معه ونعيش من اجل الذي مات عنا وقام..
ومن خلال عمل الروح الذي يوجهنا في بعدين أساسيين هما:
- فضح الباطل والفساد الذي داخلنا ومواجهته بقوة.
- زرع القيم والمبادئ التي تجعل من ثمر الروح حقيقة فاعلة، ومن ثم تغيير شامل. ولكن لهذا التغيير سمات يجب ان نفهمها لكي نكون على الطريق الصحيح.
هذا التغيير يحدث مماثلا لنمو الثمرة:
1- تدريجي
النمو التدريجي له سمات فانت لا يمكن ان تراه او تشعر به او تعرف انه يحدث في لحظة ما. انه عمل روح الله الخفي داخلنا.
عندما تنظر لفتى او فتاة في سن النمو تقول له اعتقد أنك تنمو في القامة وتقول اعتقد لأنك لا تراه وهو ينمو انت تلاحظ نموه بدون ان ترى كيف تم ذلك..
النمو تدريجي وبطيء لا يمكن رؤيته او قياسه، ولذلك، فان من ثمار الروح هو طول الاناة أي نكون صبورين فالنمو تدريجي وبطيء ولا يجب ان نحكم على بعضنا البعض او نحكم على أنفسنا في عملية النمو بل ندع كلمة الله تفعل ذلك، فنحن نرى دائما ان التدريبات الروحية وغيرها من برامج شفاء النفس تقيس مدى تطورك ونموك، هذا غير صحيح النمو غير مرئي ولا يمكن قياسه او الحكم عليه.
الطريق الوحيد لاكتشاف النمو هو المحكات والمواقف التي سنمر بها.
2- لا مفر منه (محتوم)
لقد خلصنا بالأيمان وليس وبثمر الروح ولكننا لا يمكن ان نخلص بدون الايمان المثمر، لذلك فان ثمر الروح امر محتوم وليس مجرد غطاء للأيمان بل هو في ذاته ثمر الايمان..
إذا كنت لا تنمو في المحبة والفرح والسلام والتعفف وطول الاناة والصلاح واللطف والايمان والوداعة.. فاسأل نفسك هل انت في الروح؟؟ هل انت في المسيح؟؟
3- داخلي
ما هي ثمار الروح؟ القيادة؟ الإدارة؟ المشورة؟ التسبيح؟ هل هذه هي ثمار الروح؟
الذكاء مثلا؟ هل المواهب هي الثمار؟
لا...اطلاقاً فالمواهب هي نمو خارجي ميكانيكي وليس داخلي، فانا من الممكن ان اخدم وابذل نفسي من اجل الاخرين دون ان أنمو نموا حقيقيا، المواهب ليست دليل على النمو بل الثمار. 1كو 13، ان ما نفعله لا يغيرنا بل ما يفعله الله بنا هو ما يغيرنا، ان ما نفعله من الممكن ان يُغير الاخرين ولكن لا يمكن ان يُغيرنا او يُقدسنا..
فالله يستخدمنا لتغيير نفوس وتبشيرهم ولكن من الممكن ان يتغير الناس بواسطتنا دون ان نتغير نحن. (مت7: 21-22)
لا تتكلم عن الخطية السرية التي في حياة الاخرين وانت لديك مثلها. لا تعظ عن طول الاناة وانت لا تقدر ان تنتظر او يكون لديك رجاء، لا تتكلم عن الوداعة وانت ما يهمك في الحياة هو نفسك ومصلحتك..
4- متسق
الفرق الرئيسي بين تقديس النعمة والتغيير الذي يأتي ببرامج نفسية او تدريبات روحية هو ان التغيير النفسي ليس متماثل وليس على قدر من الاتساق فلا لطف حقيقي بدون محبة او فرح.
النعمة في المسيح متماثلة ومتناسقة..في الحقيقة كل ثمر الروح هو من جذع واحد من غذاء واحد ومصدر واحد لذلك اذا كنت تريد ان تعرف هل انت تنمو في ثمر الروح وتصل الى ملء قامة المسيح ام لا فاليك الدليل:
- لا يمكن ان يكون لدينا سلام دون ان يكون لدينا وداعة، اذا كنت تتفاخر بسلامك على الاخرين فهذا سلام متناقض وليس من ثمر الروح فالسلام الروحي الذي في المسيح هو السلام الذي يأتي من الوداعة والاتضاع..(يع4: 13-17) في هذا النص يُظهر يعقوب ان القلق نوع من أنواع الكبرياء والتفاخر لان القلق مرتبط دائما باتكالي على نفسي وليس اتكالي على الله وانا اعرف الطريق لذلك ليس لدي الوقت للأخرين فكل همي ان ابني واتاجر لذلك انا في حالة "قلق"
السلام يأتي من الاتكال والخضوع لله بالكامل فوداعتي امام الله تثمر فيَّ سلام لا ينطق به. عندما تقول لله انت تعرف وانا لا اعرف انت الطريق وليس ما ارسمه او اقلق بشأنه.
ومثل اخر: لا يمكن ان اتعفف بدون ان يكون لدي الفرح، فالفرح هو ما احتاج اليه عندما أدمن الأشياء، لذلك إذا كان لدي فرح سأضبط نفسي ولن احتاج لما ادمنه.
وبالتالي فأي ضبط نفس وتعفف ليس صادراً من فرح المسيح ورجاء الحياة الأبدية هو تعفف مزيف.
انظر الى نفسك هل تمتلك ثمر الروح ام فقط بعض المواهب؟ هل تمتلك ثمرة دون الأخرى؟ هل هناك ما تخفيه في حياتك؟؟
ان مشكلتنا الرئيسية هي فساد قلوبنا وليس ظروف حياتنا وثمر الروح هو ما يبني شخصية المسيح داخلنا وهو ما يحضر عروس المسيح للعرس العظيم.
نحن نسعى للمسيح من اجل جماله وبره وتقواه وليس من اجل بركاته...وهذا ما يفعله الروح داخلنا ان نصير مشابهين صورة ابنه..
Comments