top of page
1/3

مثلية الروح والجسد


لقد حثنا المسيح على ان نحب الرب الهنا من كل قلوبنا ونفوسنا وافكارنا وقدرتنا، ونحب قريبنا كانفسنا، فاعظم وصيتان هم في المحبة وعندما سئل من هو قريبي ؟ رد بقصة السامري الصالح أي الشخص المختلف عني تماما، فقبول الآخر هو سمة الصليب والرسالة ليست لمن يعرف بل لمن يجهل لأن رسالة الحياة هي في المسيح وفي قيامته، ولكننا نعاني شذوذا في ارواحنأ عندما نعامل المثلي(الشاذ جنسيا) على انه شخص منبوذ.

وفي هذه الفعلة نحن نحكم على هذا الشخص بالهلاك ونحرمه من انجيل الخلاص، فإن كنا نقبل الهندوسي والبوذي الذي ينظر للاله بنظرة مختلفة تماما عنا فلماذا لا نقبل الذي ينظر للجنس بشكل مختلف؟


العامل الرئيسي في قبول الإنسان لقريبه أي من هو إنسان مثله هو اشتراكه في بشريته وليس اتجاهاته وميوله، فلكل منا اتجاه وميل قلب شرير مع اختلاف أنواع الشر، وإذا كان المثلي خاطيء فكلنا خطاة.


وعندما نعامل المثلي على انه أقل انسانية منا فنحن في الحقيقة نشذ في ارواحنا ونصبح مثليين روحيا أي ضد طبيعة المسيح الذي قبل الخطاة، وجلس مع الزناة والعشارين لأن المرضى هم من يحتاجون إلى طبيب.


ومع ان يسوع قبل الخطاة الا انه لم يقبل خطيتهم، ولا اقصد هنا فصل الخطية عن الخاطئ، لكن المقصود هو ان التبرير الذي نحصل عليه بالايمان بيسوع المسيح وحده يجعلنا نقف امام الله ابراراً، في حين اننا خطاة نستحق الهلاك، لذلك فان التبرير مجاني ويقبلان كما نحن، ولكنه لا يتركنا كما نحن، بل يقدسنا ويجذبنا بالنعمة لمشابهة صورة المسيح، فهدف الايمان هو القداسة، وهذا ما اعلنه يسوع للمرأة الخاطئة في يوحنا٨: "ولا انا ادينك، اذهبي ولا تخطئي"، وهذا هو قلب الخبر السار القادر على تغيير قلب الخاطئ وتقديسه.


فاذا رفضنا الخاطئ من اجل خطيته نسقط في التدين وننكر الانجيل، واذا قبلنا الخاطئ بخطيته نسقط في الليبرالية التي تستبيح النعمة وتنكر الانجيل أيضاً، فالانجيل هو دعوة وتبرير وتقديس أخيرا تمجيد.



المثلية الجسدية:


لا يمكن ان ننكر ان المثلية خطية وليست مرض، فالخطية هي قصور وضعف نفوسنا عن تحقيق ناموس الله وهي نتيجة لبشرية ساقطة وقلب فاسد، والمثلية مثلها مثل أي تعدي أو خطية مدمرة ومقززة وتتجه للموت، فالمثلية انهيار لمسار الحياة وضد الطبيعة والصورة الأصلية للإنسانية، وضد المحبة أيضا.


والمشكلة في فهمنا للقضية هو ان العلوم الإنسانية تصف المثلية على انها مرض، وهذا المنهج في الأساس لا يعترف بحالة الانسان الساقطة، ولا يرى ان مأساة الانسان في قلبه، بل في ظروفه، فالشر والخطية هما نتاج الإساءة التي يتعرض لها الانسان وتأثر بالشر المحيط به، لذلك فهو يشخص حالة الانسان طبقا لما يعانيه وليس طبقا لطبيعته على غرار الكتاب المقدس الذي يرجئ الخطية لحالة القلب وليس الظروف، وهكذا في حالة المثلية يصف علم النفس الحالة بأنها اضطراب في الهوية الجنسية نتيجة لخلل جيني، ولكن في كلمة الله يصفها بأنها خطية حتى لو كانت مجرد رغبة، فالخطية في المسيحية هي في الرغبة وليس الفعل فقط.


وهناك من يحاول خلط المفهوم الكتابي بالمفهوم النفسي وينادي بان المثلية هي مرض وخطية في ذات الوقت لمحاولة تطويع النص الكتابي للفكر السيكولوجي، الا ان هذه تعد مغالطة منطقية في حد ذاتها، لان كلمة الله تنهي عن الخطية وتدينها، ولا يمكن لله ان ينهينا عن المرض، فلا يمكن لكلمة الله ان تقول "لا تمرضوا" لان المرض ليس حالة قلبية روحية ولكنه حالة جسدية ليس الانسان يد فيها خصوصا ان كان وراثيا.


"عالِمًا هذا: أنَّ النّاموسَ لَمْ يوضَعْ للبارِّ، بل للأثَمَةِ والمُتَمَرِّدينَ، للفُجّارِ والخُطاةِ، للدَّنِسينَ والمُستَبيحينَ، لقاتِلي الآباءِ وقاتِلي الأُمَّهاتِ، لقاتِلي النّاس، للزُّناةِ، لمُضاجِعي الذُّكورِ، لسارِقي النّاسِ، للكَذّابينَ، للحانِثينَ، وإنْ كانَ شَيءٌ آخَرُ يُقاوِمُ التَّعليمَ الصَّحيحَ،" (١تي٦: ٩-١٠)


ضد مسار الحياة:

لقد خلق الله الإنسان ذكر وأثنى كي يثمروا ويكثروا ويملأوا الأرض ومن ثم قنن الله الزواج لإحداث علاقة عهدية تقوم على اتحاد الرجل بزوجته لإنشاء نسل وأسرة ونظام مجتمعي سليم، ولكن بالسقوط تشوهت هذه العلاقة لذلك وضع الله محاذير لتعدي البشر في اولى الخطوات لاستردادهم للصورة الاصيلة التي وجدوا لاجلها، ولأن الإنسان حُكم عليه بالموت أصبح الموت يعمل في داخله والتعدي والشذوذ صارا داخل طبيعته فمقاومة الاثمار والاكثار والعلاقة العهدية. هي مقاومة لمسار الحياة الطبيعي الذي ينتج عنه تمزق للمجتمع وترابطه وهذا التعدي يعتبر خطية ضد الله مباشرة لأنه هو مصدر الحياة، وفي الصليب حمل المسيح الخطية في جسده ومات لكي يموت تعدي البشر واسقامنا وامراضنا حملها لكي نتحد به في موت الخطية ونقوم معه من ضعفنا وسقوطنا، فالمسيح استرد الإنسان في الصليب ليشابهه في كل شيء ويستعيد بدوره مسار الحياة الطبيعي بانسانية يسوع المسيح لكي نصير فيه بموته وقيامته.


والغريب ان المثلية تتخذ من الوان قوس قزح شعارا لها، في حين ان قوس قزح هو علامة عهد لله مع الخليقة الجديدة في نوح والذي كان إشارة للخليقة الجديدة في المسيح يسوع، والتي في علاقة عهدية مع الآب بواسطة الابن وقوة الروح القدس، فشعب الله هم في حالة زواج روحي معه، والخطية هي حالة الزنا الروحي والخيانة التي يقوم بها الانسان ضد خالقه، ومن ثم تصبح المثلية صورة جلية لخيانة الانسان لالهه وتصميمه الأصلي.


ضد الطبيعة والتصميم الأصلي:

لقد صمم الإنسان فسيولوجيا وجسميا ليتزاوج بشكل طبيعي مع امرأته لذلك وجد في تصميم جسده ما يناسب التزاوج الطبيعي وما يناسب التناسل، وما هو ضد التزاوج الطبيعي يعتبر انتهاك لتصميم الإنسان الأصلي واساءة لجسده ومن ثم اساءة لنفسه، وقد حفظ المسيح جسده من الخطية وعاش على الأرض بارا دون ان يسيء لجسده أو لغيره بل كان يشفي كل مرض وقيد من ابليس كعلامة لاسترداد المجتمع الصحي دون تشوه ولا يمكن ان يحافظ الإنسان على جسده من الاساءة الا بقوة المسيح وعمل انجيله، فاساءة الإنسان لنفسه تحتاج لشفاء فقط من يسوع المسيح.


ضد المحبة الحقيقية:

لقد فوجئت بان شعار تقنين المثلية هو ”الحب ينتصر”!!

هذا دليل على وصول الإنسان إلى أعمق درجات السقوط فالخطية لا يُحتفل بها ولا يمكن ان نسمي الخطية حب بل يجب ان نبكي على خطايانا كي نرجع عنها، فالمثلية لا تعكس حبا بل نقصاً للنفس وتعدي على الملكوت أيضا.


"أم لَستُمْ تعلَمونَ أنَّ الظّالِمينَ لا يَرِثونَ ملكوتَ اللهِ؟ لا تضِلّوا: لا زُناةٌ ولا عَبَدَةُ أوثانٍ ولا فاسِقونَ ولا مأبونونَ ولا مُضاجِعو ذُكورٍ،" (١كو٦: ٩)


كما ذكر من قبل ان تصميم الإنسان الأصلي ومسار حياته الطبيعي هو في الحفاظ على جسده وعلى طبيعة العلاقة الزوجية فاسد الإنسان ومسار حياته للقائمين على عطاء المحبة المتبادل وهذه المحبة تتجسد في نسل يأخذ من محبة والديه ويعطي لنفسه والآخرين، فالاسرة ترسي قواعد المحب وقبول الآخر والابوة. والامومة! هم أعظم أمثلة للمحبة الانسانية، والشركة الزوجية القائمة على العهد هي أساس المحبة العهدية التي تتوارثها الاجيال ، وبذلك تصبح المثلية مدمرة للمحبة. وهزيمة للحب وليس انتصار.


فتدمير المجتمعات ومسار الحياة الطبيعي ليس من الحب بل من الأنانية والكبرياء.


ويعلمنا المسيح ان المحبة هي غفران الخطايا والقيامة من الموت ولقد اعطى المسيح محبته في الصليب عندما غفر لمن لا يستحقون وقام ليبرر الخطاة ويصير لهم قلوب جديدة تمجد الله واصابه تقواه وبره.


الخطية ليست مرض جيني او خلل جسدي بل اتجاه قلب وميل ورغبة للشر، والمثلية خطية ولكن لكل خطية غفران عند المسيح، فهو المخلص العظيم القادر على تغيير القلوب واسترداد النفوس.

30 views0 comments

Recent Posts

See All

Comments


bottom of page